[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
[size=25]لكن الغنى غنى النفس
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
كثير من الناس يظن أن الغنى ليس إلا كثرة المال من نقود وأسهم وعقارات وتجارات وغيرها ، وعندهم أن من ليس كذلك فليس من أهل الغنى
لكن الرسول صلى الله عليه وسلم يلفت الأنظار إلى المعنى الحقيقي للغنى حين يقول:
" ليس الغنى عن كثرة العرض، ولكن الغنى غنى النفس".
فكم من الناس عنده من أصناف المال الكثير لكنه يعيش فقرا حقيقيا ، فتراه دائما خائفا مهموما ، يسعى في زيادة ماله خوفا من الفقر ، يبخل بالنفقة في أوجه الخير حتى لا يقل ماله،بل ربما قطع رحمه لنفس الأسباب ، كما تراه متطلعا إلى ما عند الآخرين ، فمثل هذا يعيش فقرا دائما ملازما له ؛ لأنه لم يرض بما قسمه الله تعالى له ، ولأن الدنيا في قلبه قد استقرت.
وهذا خبيب بن عدي رضي الله عنه يقول: كنا في مجلس فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - وعلى رأسه أثر ماء فقال له بعضنا: نراك اليوم طيب النفس فقال : "أجل والحمد لله" . ثم أفاض القوم في ذكر الغنى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " : لا بأس بالغنى لمن اتقى ، والصحة لمن اتقى خير من الغنى ، وطيب النفس من النعيم" .( صحيح سنن ابن ماجة ).
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
[b][b]إياك والتطلع لما في أيدي الناس[/b]
[/b]
فإن الله عز وجل يقول: (وَلا تَمُدَّنَ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى) (طـه:131).
وها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" وارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس"
ولنتذكر هنا قول النبي صلى الله عليه وسلم :
" من أصبح منكم آمنا في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها ".
وإذا رأيت من هو أكثر منك مالا وولدا فاعلم أن هناك من أنت أكثر منه مالا وولدا فانظر إلى من أنت فوقه، ولا تنظر إلى من هو فوقك، وإلى هذا أرشد النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال:
"انظروا إلى من هو أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم".
[b][b]فقر القلوب هو الداء[/b][/b]
فقد جاء في بعض روايات هذا الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"يا أبا ذر أترى كثرة المال هو الغنى ؟ قلت : نعم يا رسول الله ، قال : أفترى قلة المال هو الفقر ؟ قال : قلت : نعم يا رسول الله ، قال : إنما الغنى غنى القلب ، والفقر فقر القلب" .
ولهذا فإن من كان فقير القلب قد لا يبالي أربح المال من حلال أم من حرام ، قد يغش في تجارته، أو يسرق إن سنحت له فرصة ، أو يأخذ الرشوة،لأن حب الدنيا قد استقر في قلبه فأفسد عليه هذا القلب ومنعه القناعة بما رزقه الله تعالى.
وليس معنى كلامنا أن يمتنع الناس عن العمل والتكسب ، و محاولة تحقيق الغنى بأوجه الكسب الحلال الطيب ؛ فإن القناعة لا تمنع التاجر من تنمية تجارته، ولا أن يضرب المسلم في الأرض يطلب رزقه، ولا أن يسعى المرء فيما يعود عليه بالنفع، بل كل ذلك مطلوب ومرغوب.
وإنما الذي يتعارض مع القناعة أن يغش التاجر في تجارته، وأن يتسخط الموظف من مرتبته، وأن يتبرم العامل من مهنته، وأن ينافق المسؤول من أجل منصبه، وأن يتنازل الداعية عن دعوته أو يميِّع مبدأه رغبة في مال أو جاه، وأن يحسد الأخ أخاه على نعمته، وأن يذلّ المرء نفسه لغير الله- تعالى- لحصول مرغوب.
وكم من صاحب مال وفير، وخير عظيم، رُزق القناعة!
فلا غشّ في تجارته، ولا منع أُجَراءه حقوقهم، ولا أذل نفسه من أجل مال أو جاه، ولا منع زكاة ماله ، بل أدى حق الله فيه فرضًا وندبًا، مع محافظةٍ على الفرائض، واجتناب للمحرمات.
إن ربح شكر، وإن خسر رضي ، فهذا قنوع وإن ملك مال قارون.
[b][b]السلف وغنى النفوس[/b][/b]
ذكرنا فيما سبق أن الصحابة رضي الله عنهم كان غناهم في قلوبهم فلم تأسرهم الدنيا ولم يركنوا إليها ، وعلى هذا قاموا بتربية من بعدهم فكانت الثمار طيبة بإذن الله.
فقد أوصى سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه ابنه فقال: "يا بني، إذا طلبت الغنى فاطلبه بالقناعة؛ فإنها مال لا ينفد".
وسئل أبو حازم فقيل له: "ما مالك؟" قال: "لي مالان لا أخشى معهما الفقر: الثقة باللّه، واليأس مما في أيدي الناس".
وقيل لبعض الحكماء: "ما الغنى؟" قال: "قلة تمنيك، ورضاك بما يكفيك".
وكان محمد بن واسع - رحمه اللّه تعالى- يبل الخبز اليابس بالماء ويأكله ويقول: "من قنع بهذا لم يحتج إلى أحد".
ويقول عامر بن عبد قيس: "أربع آيات من كتاب الله إذا قرأتهن مساء لم أبال على ما أمسي، وإذا تلوتهن صباحًا لم أبال على ما أصبح
(مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (فاطر:2)
( وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ)(يونس: من الآية107)
(وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) (هود:6)
(سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً)(الطلاق: من الآية7)
[b][b]ما أجمل القناعة![/b]
[/b]
من التزمها نال السعادة، وما أحوج أهل العلم والدعوة للتحلي بها؛ حتى يكونوا أعلام هدى ومصابيح دجى.
ولو تحلى بها العامة لزالت منهم الضغائن والأحقاد، وحلت بينهم الألفة والمودة؛ إذ أكثر أسباب الخلاف والشقاق بين الناس بسبب الدنيا والتنافس عليها، وما ضعف الدين في القلوب إلا من مزاحمة الدنيا له
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما قال: " والله ما الفقر أخشى عليكم، ولكني أخشى أن تبسط الدنيا عليكم؛ كما بسطت على من كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها وتهلككم كما أهلكتهم ".
ولذلك كان من دعائه صلى الله عليه وسلم:
" اللهم إني أعوذ بك من قلب لا يخشع، ومن دعاء لا يسمع، ومن نفس لا تشبع، ومن علم لا ينفع، أعوذ بك من هؤلاء الأربع".
قال النووي رحمه الله عن قوله: "ومن نفس لا تشبع": "استعاذة من الحرص والطمع والشَّرَه، وتعلق النفس بالآمال البعيدة".
جعل الله تعالى غنانا في قوبنا ، ووقانا جميعا الطمع والبطر ، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وآله وصبه أجمعين.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
اختكم // عطر الايمان
[/size]